• 25 Nov, 2025

التراث والذاكرة يشكّلان حجر الأساس لهوية أي مجتمع، فهما الرابط الذي يربط بين الماضي والحاضر، ويتيح للأجيال الجديدة فهم جذورهم وموروثهم الثقافي. في مدينة حمص، يتجلى التراث في الأسواق القديمة، المباني الأثرية، الحرف اليدوية، والموسيقى والفنون الشعبية، ليحكي قصص السكان وتجاربهم التي شكلت تاريخ المدينة

الذاكرة المجتمعية ليست مجرد سرد للتاريخ، بل هي أداة حيوية لفهم حاضر المجتمع والتخطيط للمستقبل. من خلال حفظ القصص، التقاليد، والحكايات الشعبية، يمكن للجيل الجديد التعلم من تجارب الماضي وتجنّب الأخطاء السابقة، بينما يستلهم الإبداع في شتى المجالات الثقافية والفنية

الحفاظ على التراث يتطلب جهوداً متكاملة، تبدأ من أفراد المجتمع وصولاً إلى المؤسسات التعليمية والثقافية. فالمدارس، النوادي الثقافية، والمعارض الفنية تلعب دورًا مهمًا في تعريف الشباب بتاريخ مدينتهم، وتشجيعهم على المشاركة في مشاريع توثيق التراث، سواء عبر الفنون البصرية، تسجيل المقابلات مع كبار السن، أو توثيق الحرف التقليدية

كما يشكل التراث والذاكرة وسيلة لتعزيز الانتماء والهوية المجتمعية. فالاحتفال بالمهرجانات التراثية، إعادة إحياء العادات القديمة، ومشاركة الحكايات الشعبية، كلها عناصر تعزز شعور الفرد بالارتباط بمجتمعه وبأرضه. هذا التفاعل بين الماضي والحاضر يساعد على بناء مجتمع متماسك وواعٍ بهويته الثقافية

الإعلام المحلي والمنصات الرقمية تلعب دورًا متناميًا في نقل التراث إلى جمهور أوسع، من خلال القصص المصوّرة، المقالات التفاعلية، والمقابلات مع صانعي التراث المحليين. هذا الاستخدام الحديث للتكنولوجيا يضمن أن التراث يظل حيًا ومؤثرًا في حياتنا اليومية، لا مجرد ذكرى محفوظة في الكتب أو الصور القديمة.

في الختام، يعتبر التراث والذاكرة ليس فقط ماضٍ يُستعاد، بل مشروع مستمر لبناء حاضر ومجتمع واعٍ بماضيه، قادر على الإبداع والتطوير. الاستثمار فيهما يعني الحفاظ على الهوية، تعزيز الانتماء، وصياغة مستقبل مستدام يرتكز على تاريخ غني وتجارب قيمة